ثقافة ألبوم "بلو مقام" لأنور ابراهم: رحلة في روافد الزمن الأزرق
من الباب الأزرق الكبير، انفلتت نغمات الألبوم الموسيقي الجديد لأنور ابراهم كالنقوش التي ترتسم أمام الاعين ناقلة شعاب الزمن المنساب، ذلك الذي يتدفق بكثير من الرقة في بعض الاحيان ويتخذ منحا تصاعديا في مشاوير اخرى قبل أن تنطفئ جذوته على دروب الحياة.
بعد ألبوم "استذكار" الذي صدر سنة 2014، قدم الموسيقار انور ابراهم يوم السبت 26 اوت على ركح مسرح الحمامات العرض الأول لألبومه الجديد "بلو مقام"، وهو عمل ابداعي زاوج بين موسيقى الحجرة الغربية والجاز والموسيقى العربية العتيقة بمشاركة 3 من ألمع موسيقيي الجاز وهم ديف هولند على الكونترباس ودجانغو باتس على البيانو وناشيت وايتس على الباتري.
في البداية، كانت المعزوفات مطبوعة بخاتم الهدوء وبإيقاع فيه الكثير من المصالحة مع الذات والسلام الداخلي وكأن بأنور ابراهم يتخذ مسافة من كل أشكال الزيف، فإنسابت الموسيقى مكتسحة الفضاء ببساطتها الأولى.
ومن ذلك الأساس، تفرعت المعزوفات اللاحقة مضيفة على الانسجام الأصلي زخرفا موسيقيا مطبوعا بخفة الأزرق اللذيذ، أزرق السماء المنفتحة والقباب البيضاء المطلة على اليم الكبير، بينما اتسمت معزوفات أخرى بروح فيها مرح "الروك أن رول" لكن بلمسات رقيقة، دون الحاح، بلا مبالغة.
ثم في مرحلة ثالثة، هام أنور ابراهم والثلاثي الذي رافقه في روافد الزمن الأزرق، ذلك الذي يمر على الأرواح والوجوه والأمكنة، ذلك الزمن الأزرق المتمايل الذي يلقي بظلاله، يترك بصماته، يتقدم ثم يتراجع قبل أن ينخمد تماما مثل مسار أي حياة عابرة.
هكذا بدت لنا مقامات أنور ابراهم الزرقاء، مقامات تشدو الزمن المنساب في كونيته، بهدوئه وسلامه وفرحه وحنينه البسيط، دون ادعاء أو ابهار زائف.
هذا وسُيطرح ألبوم "بلو مقا"، في الأسواق ابتداء من الخريف المقبل، وستعقب هذا الصدور جولة دولية ستقود الرباعي إلى عدد من أشهر قاعات الحفلات الموسيقية ، ومنها قاعة الفيلهرموني بباريس، وقاعة الفيلهارموني بميونيخ ، وقاعة الفيلهرموني بهامبورغ.
شيراز بن مراد
تصوير أحمد مخلوف